} جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لجنة متطوعي مخيم العروب: الصحة النفسية

الصحة النفسية

تم النشر في: 8/17/2014 06:14:00 م
| |

مقدمة

تكثر المعاناة البشرية حيثما تحل الكوارث وأوضاع الطوارئ والنزاعات والطوارئ الصحية حاصدة أرواح الأقارب والأصدقاء ومدمرة البيوت وسبل العيش. وتلقي حالات الطوارئ هذه بعبء عاطفي واجتماعي ومعنوي ونفسي ثقيل على الأطفال وأسرهم نظراً لتسببها بوفاة الأهل أو مقدمي الرعاية أو بالانفصال عنهم أو بفقدانهم وكذلك نظراً لما يترتب عليها من تشويش لأنماط الحياة ودلالاتها الطبيعية ومن هجمات وإيذاء وتدمير للمنازل وخراب اقتصادي. ويضطرب نمو الأطفال في أوضاع كهذه ويتهدد الأمن وتتزعزع الثقة في البشرية كما يتقوض الشعور بالأمل في المستقبل.

وتقضي مبادئ الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر وقيمها بتوفير الدعم النفسي الاجتماعي في مثل هذه الظروف انطلاقاً من إيمان الحركة بضرورة توفير الدعم النفسي والاجتماعي في إطار المساعدة الإنسانية المقدمة للأطفال وأسرهم بوصفه عنصراً أساسياً لسد مجمل احتياجات النمو لدى الأطفال في أوضاع الطوارئ المعقدة. لذا فإن الهدف الرئيسي الذي تسعى الحركة إلى تحقيقه من خلال برامج الدعم النفسي الاجتماعي يتمثل في تحسين رفاه الأطفال من خلال ما يلي:

  • إعادة نمو الأطفال إلى وضعه الطبيعي؛
  • حماية الأطفال وأفراد المجتمع من الآثار المترتبة على تراكم الأحداث الأليمة والمؤذية؛
  • زيادة قدرة الأسر وسائر مقدمي الرعاية والطواقم المهنية والمجتمعات وقادتها على توفير الرعاية لأطفالهم؛
  • تمكين الأطفال من الإسهام على نحو فعال في إعادة بناء المجتمعات وتحقيق مستقبل أكثر إشراقاً.

وتولد النزاعات المسلحة، كالاحتلال الذي تشهده فلسطين، قدراً هائلاً من المعاناة النفسية والاجتماعية للسكان المتأثرين بها، وقد تكون آثارها النفسية والاجتماعية بليغة على الأمد القصير بيد أنها قادرة أيضاً على تقويض الصحة العقلية والرفاه النفسي للسكان المتأثرين بها على المدى الطويل كذلك. ومن شأن هذه الآثار أن تهدد السلام وحقوق الإنسان والتنمية وأن تتمخض عن طيف هائل من المشاكل على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع وعلى المستويات الاجتماعية، ذلك أن النزاعات تقوض فرص دعم الحماية الطبيعية وتعمل على زيادة المخاطر الناجمة عن المشاكل المختلفة كما تميل إلى تعميق هوة المشاكل الراهنة المرتبطة بالجور والظلم الاجتماعي، لذا فإن إحدى الأولويات في أوضاع النزاع تتمثل في حماية الصحة العقلية والرفاه النفسي الاجتماعي للسكان والنهوض بهما (الضوابط الإرشادية للصحة العقلية والدعم النفس-اجتماعي في حالات الطوارئ/اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات).

وتوفر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني منذ تأسيسها في عام 1968 الخدمات النفسية الاجتماعية لللاجئين الفلسطينيين في لبنان والشتات عبر دوائرها المختلفة كدوائر الرعاية الصحية الأولية والتأهيل والخدمات الاجتماعية. وفي حين هدفت الخدمات النفسية الاجتماعية في بادئ الأمر إلى سد الاحتياجات الأساسية لأشد اللاجئين الفلسطينيين استضعافاً، فقد أنشأت الجمعية في عام 1992 دائرة الدعم النفسي الاجتماعي لتضحي إحدى أهم دوائر الجمعية وذلك بعدما نقلت الجمعية مقرها إلى داخل فلسطين غداة اتفاقية أوسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية. وكانت خدمات الدائرة تركز بصفة رئيسية على توفير الدعم النفسي الاجتماعي لطواقم الإسعاف والطوارئ العاملة في الجمعية، بيد أن الجمعية ما لبثت أن وسّعت نطاق أنشطتها وتدخلاتها النفسية الاجتماعية في الضفة الغربية وقطاع غزة غداة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

واستهلت الجمعية في عام 2002 برنامجاً للدعم النفسي الاجتماعي قائماً على المدارس يستهدف الأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح نظراً للنزاع المتواصل وما يخلفه من آثار على الأسر الفلسطينية عموماً وعلى الأطفال بوجه خاص. وركز هذا البرنامج على تنفيذ تدخلات نفسية اجتماعية لصالح الأطفال وأسهم في بناء قدرات المعلمين ومرشدي المدارس. وقد بيّنت الخبرة التي تراكمت لدى دائرة الدعم النفسي الاجتماعي في الجمعية أثناء تطبيق البرنامج بأن العمل مع ذوي الأطفال وأسرهم ومقدمي الرعاية لهم سيعزز آليات التكيف والقدرة على المواجهة لديهم كما سيزيد الدعم الضروري الذي يوفرونه لأطفالهم، لذا فقد استهلت الجمعية في عام 2004 برنامجاً إضافياً للدعم النفسي الاجتماعي بعنوان "جسر المحبة" يركز على تنفيذ أنشطة وتدخلات نفسية اجتماعية ونفسية تربوية لصالح ذوي الأطفال وأسرهم ومقدمي الرعاية في شتى مناطق الضفة الغربية، كما تمت إتاحة هذا البرنامج لأسر الأطفال الذين يستهدفهم برنامج الدعم النفسي الاجتماعي القائم على المدارس.

غير أن توفير الخدمات النفسية الاجتماعية للأطفال وأسرهم من دون التعاون مع نظم الدعم الأخرى المتوافرة في مجتمعاتهم لن يسهم في بلوغ النتائج الأساسية التي تنشدها هذه المشاريع. لذا، فقد عكفت الجمعية في عام 2004 في إطار سعيها للاستمرار في تطوير دائرة الدعم النفسي الاجتماعي على إعداد برنامج للدعم النفسي الاجتماعي قائم على المراكز بهدف التواصل مع المجتمعات وتوعيتها، فتم افتتاح مركزين للدعم النفسي الاجتماعي لهذا الغرض أحدهما في الخليل والآخر في خان يونس. واستمرت المراكز بالعمل ضمن منهجية برنامج الدعم النفسي الاجتماعي القائم على المدارس وبرنامج "جسر المحبة" وبدأت بتقديم خدمات إضافية بهدف بلوغ مجموعة مستهدفة أوسع نطاقاً كما تم من خلالها تنفيذ أنشطة للدعم النفسي الاجتماعي لصالح الأطفال والنشء والمتطوعين والأسر وأفراد المجتمع وقادته.

وفي عام 2010 عكفت دائرة الدعم النفسي الاجتماعي في الجمعية على إعداد خطة استراتيجية للفترة 2015-2010 استناداً إلى الدروس المستقاة من سنوات خبرتها السابقة في هذا المضمار، وستشكل هذه الخطة جزءاً من استراتيجية الجمعية الشاملة. ويتمثل أحد مكونات الخطة الرئيسية في تحويل دائرة الدعم النفسي الاجتماعي إلى برنامج للدعم النفسي الاجتماعي انطلاقاً من إيمان الجمعية بضرورة أن يكون عنصر الدعم النفسي الاجتماعي مشتركاً بين دوائر الجمعية المختلفة، كما قررت الجمعية تجميع كافة العاملين في مجال الدعم النفسي الاجتماعي والعاملين الاجتماعيين والقائمين على إدارة الحالات في دائرة واحدة تخضع لتسلسل إداري واحد بهدف تعزيز منهجية الجمعية الرامية إلى توفير خدمات شمولية للمجتمعات والربط بين الدوائر المختلفة. وسيتم تنفيذ هذه الاستراتيجية في سائر مراكز الدعم النفسي الاجتماعي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

جميع الحقوق محفوظة لٍ جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لجنة متطوعي مخيم العروب ©2015 |||

تصميم : صهيب الطيطي